من جديد توجَّه «أنتوني بلينكن» وزير الخارجية الأمريكي إلى إسرائيل الخميس الماضي لبحث تمديد الهدنة الإنسانية مع حماس، والتي وقع الاتفاق عليها بين الطرفين قبل نهاية الشهر الماضي، وكانت تشكل نقطةً مفصليةً في الحرب الدائرة في غزة بين «حركة حماس» وإسرائيل. بيد أن الآراء تباينت حول مردودها، فقد رأى البعض أنها جاءت لصالح حماس، حيث إن إسرائيل قبلت بشروط الحركة بعد أن كانت تصر على رفض الهدنة على مدى أسابيع.
من جانب آخر فإن الهدنة لم تناقش رجوعَ النازحين وأوضاع الناس، ولم تناقشِ الكارثة التي نجمت عن الحرب في الأوساط المدنية، وبالتالي فإن دخول الهدنة أو نهايتها أو عدم إبرامها أصلًا لم يكن ليغير شيئًا من الحقيقة الماثلة أمام الجميع ألا وهي أن قطاع غزة قد أُحرق وبات به مليون نازح بمدارس «الأونروا» غالبيتهم بلا مأوى. كما أن إسرائيل لديها اليوم أكثر من خمسة آلاف أسير فلسطيني، ولهذا فإن الإفراج عن مائة وخمسين أسيرًا لن يشكل فارقًا كبيرًا بالنسبة للفلسطينيين. وهناك مَن يرى أن أي وقف للعدوان على الشعب الفلسطيني هو في مصلحة الجميع، لا سيما وأن الشعب الفلسطيني تعرَّض ومازال يتعرض حتى اللحظة لعدوان بربري همجي غير مسبوق في تاريخ العالم الحديث، ولا سيما وأن حجم الدمار الذي خلَّفه العدوان لا يستوعبه عقل.
هناك مَن ينعي ما يسمى بالهدنة، وها هو أحد الفلسطينيين يقول: (لم نحرز شيئًا من ورائها. طالبتنا إسرائيل بإخلاء منازلنا في الشمال، وتوجهنا إلى الجنوب، وبعد عشرة أيام قامت إسرائيل بقصفه ومات أكثر من ثلاثين فردًا من العائلة). وبالتالي لم تكنِ الهدنة إلا خداعًا للشعب الفلسطيني ليظل المطروح هو أن لا أمان لإسرائيل ووعودها. ولهذا شعر الفلسطينيون بأن القصف الإسرائيلي يزداد ضراوةً بعد هذه الهدنات الصورية. لقد ظهرتِ الهدنة وكأنها مجرد وقت مستقطع فقط من أجل إعادة الأسرى الإسرائيليين حتى إذا تم ذلك تعود الحرب من جديد بكل صخبها بل وأعنف مما كانت عليه.
لقد أثبتتِ الوقائع أن الهدنة هي خدعة كبرى تمارسها إسرائيل ضد الفلسطينيين، ففي 27 ديسمبر 2008 شنَّت إسرائيل حربًا على قطاع غزة أطلقت عليها اسم «عملية الرصاص المصبوب» وردَّت عليها حماس بعملية اسمها «حرب الفرقان»، وأسفرت هذه الحرب عن استشهاد أكثر من 1430 فلسطينيًّا، ومقتل 13 إسرائيليًّا. وفي عام 2012 شنَّت إسرائيل حربًا على قطاع غزة أسمتها «عامود السحاب»، وردَّت عليها حماس بمعركة أسمتها «حجارة السجيل» استمرت ثمانية أيام استُشهد فيها نحو 180 فلسطينيًّا، في حين قُتل عشرون إسرائيليًّا. وفي 2014 أطلقت إسرائيل عملية عسكرية وهي «الجرف الصامد» وردَّت عليها حماس بمعركة «العصف المأكول» استمرت51 يومًا وأسفرت عن استشهاد 2322 فلسطينيًّا، ومقتل 74 إسرائيليًّا.
لقد ثارتِ الشكوك حول الهدنة لا سيما وأن إسرائيل لم ولن تتخلى عن عدوانها الآثم وأفعالها الدنيئة. ولهذا فالحديث عن هدنة يظل خدعة، والفلسطينيون ليسوا في حاجة إليها لكونها صورية ومنزوعة الدسم. إن ما يريده الفلسطينيون ويتطلعون إليه هو وقف كامل لإطلاق النار وليس مجرد التلويح بالهدنة.
المصدر: الأسبوع
كلمات دلالية: ت إسرائیل ت علیها
إقرأ أيضاً:
هل ستعود الخرطوم “المدينة المستهلكة الأولى” كما كانت، أم استفاد سكانها من تجربة النزوح
أسئلة في التخطيط لما بعد الحرب
▪️هل ستعود الخرطوم “المدينة المستهلكة الأولى” كما كانت، أم استفاد سكانها من تجربة النزوح وأصبحوا منتجين وستتحول إلى “الخرطوم المنتجة”؟
▪️هل ستتوقف هجرة الريف إلى المدن، أم تولدت فرص عمل جديدة وأصبح توطين الريف واقعًا جديدًا، لتكون الخرطوم مدينة لسكن الموظفين والعمال؟
▪️هل استفاد رجال الأعمال من تجربة النزوح ويفكرون في نقل المصانع إلى مناطق الانتاج أم سيمضون فيما قبل الحرب ويفتتحون مصانع في العاصمة؟
▪️خير ما فعلت الانقاذ في افتتاح جامعات ولائية ولكن كان التركيز في جامعات العاصمة من حيث جودة البيئة التعليمية فهل سيظل الحال كما هو أم ستتغير نظرة التعليم خاصة بعد تجريب (التعليم عن بُعد)
ونجاحه في فترة الحرب، فلماذا لا تخرج وزارة التعليم العالي في البحث عن طُرُق جديدة في نقل التعليم بذات الكيفية مع #ربط_مشروع_التعليم_عن_بُعد بوزارة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات وتقوية شبكة الانترنت بربط الرقم الجامعي للطالب بتقليل قيمة الاشتراك.
جنداوي