لنفترض أن إسرائيل، وفي غفلة من الزمن، قرّرت أن تغزو لبنان كما تغزو غزة، فهل سيجد اللبنانيون من سيقف إلى جانبهم ويحميهم من نار جهنم، التي ستُفتح أبوابها على مصراعيها، وهل سيجدون من يدافع عنهم في المحافل الدولية. ولكي لا يُقال أن الاستسلام للأقدار هو نوع من أنواع الروح الانهزامية، التي يرفضها "حزب الله"، وهو الذي يهدّد بأنهم سيجدون في لبنان إذا ما قرروا غزوه مقابرهم، فإن ما يجعل أي مغامرة قد يقدم عليها الاسرائيليون أمرًا غير سهل.

فهم "جرّبوا حظّهم" سنة 2006 فماذا جنوا غير خيبات الأمل؟ هذا ما تقوله "حارة حريك" ردًّا على كل الحملات، التي تتعرّض لها "المقاومة الإسلامية"، التي لا تزال تعتقد أن مساندتها للمقاومة الشعبية في غزة قد خفّفت الضغط العسكري عنها كثيرًا على عكس ما يراه كثيرون، وهو أن فتح جبهة الجنوب لا يقدّم ولا تؤخر في شيء بالنسبة إلى "أهداف إسرائيل الغزاوية"، وأن ما يقوم به "حزب الله" عبر الجبهة الجنوبية ليس سوى "انتصارات وهمية" على حدّ ما نقله البطريرك الماروني في عظة الأحد عن أهالي القرى الجنوبية، "الذين يعربون لنا عن وجعهم لتخلّي الدولة عنهم وعن واجباتها ومسؤوليّاتها تجاههم. فهم بكبارهم وصغارهم يعيشون وطأة الحرب المفروضة عليهم والمرفوضة منهم إذ يعتبرون ان لا شأن للبنان واللبنانيّين بها". ويكتبون إلينا: "نعيش ضغوط الحرب النفسيّة وتسحق أعصابنا أهوال الغارات ت اليوميّة وأصوات القذائف المدويّة. وأطفالنا محرومون من وسائل الترفيه ولا يتلقون تعليمًا مدرسيًا منتظمًا إلا عن بُعْد بسبب الإقفال القسري لمدارسنا الذي فرضته الحرب الحالّية. ويتابعون: "بإمكانكم أن تتصّوروا مدى الفشل والفوضى والإخفاق والقلق الذي يترتّب على هذا الواقع المرير، وتداعياته على المستقبل التعليميّ والنفسيّ لأولدنا...ويضيفون: اسمحوا لي اقولها بالفم الملآن - ليس تخليًّا عن القضايا الوطنيّة ولا العربية، بل انطلقًا من صدقي مع ذاتي  أرفض أن أكون وأفراد أسرتي رهائن ودروعا بشريّة وكبش محرقة لسياسات لبنانية فاشلة، ولثقافة الموت التي لم تجّر على بلادنا سوى الانتصارات الوهميّة والهزائم المخزية".
فإذا قرّرت إسرائيل، وهي التي تملك قرار الحرب وحدها، أن تجرّ لبنان إلى حرب "لن يخرج منها مخبّر"، فما عساه يقول البطريرك الراعي عندها، وما هي الرسائل التي ستصل إلى بكركي هذه المرّة من كل المناطق اللبنانية، وليس من الجنوب وحده؟
فأمام هذا الخطر المحدق بلبنان، وأمام هذه المخاوف المتزايدة والمتصاعدة منذ اليوم الأول، الذي قرّر فيه "حزب الله" مساندة أهالي غزة والتخفيف عنهم، يُحكى أن الموفد الأميركي آموس هوكشتاين سيعود إلى المنطقة في محاولة أميركية جديدة لإقناع من يجب إقناعهم بأن ما سينتج عن توسعة الحرب من ويلات سيكون كارثيًا على الجميع، وسيهدّد الاستقرار العام في المنطقة والعالم، بحيث لا يعود يُسمع صوت غير صوت المدافع، التي ستنشر الرعب والموت والدمار.
فما اقترحه هوكشتاين في آخر زيارة له لبيروت رفضه "حزب الله"، شكلًا ومضمونًا، وقد أبلغ الذين فاتحوه بموضوع سحب عناصره من مواقعهم المتقدمة على طول الخطّ الأزرق الحدودي إلى عمق الأراضي اللبنانية، إلى مسافة تقدّر بسبعة كيلومترات، "أن خيّطوا بغير هذه المسّلة"، وأن وضع الجبهة الجنوبية سيبقى على حاله ما دامت إسرائيل تستبيح كل شيء في غزة.
ويُضاف إلى هواجس اللبنانيين ومخاوفهم عامل جديد، وهو أن التطورات الإقليمية المتلاحقة في المنطقة تشكل عاملًا جديدًا من عوامل ازدياد هذا القلق اللبناني، ولا سيما في ظل التداعيات المتوقعة للهجوم الذي استهدف قاعدة أميركية في شمال شرق الأردن، وما يمكن ان يستتبعه ويستدرجه من تداعيات خطيرة في المنطقة من شأنها ان تنعكس على الجبهة الجنوبية بالتحديد، مع خشية من أن تتفلت الأمور، بحيث لا تعود المعالجات بالمسكّنات تجدي نفعًا.
ويبقى الرهان على مدى قدرة "حزب الله" على ضبط النفس وعدم إعطاء إسرائيل أي ذريعة لتنفيذ ما تُخطّط له للبنان والمنطقة. المصدر: خاص "لبنان 24"

المصدر: لبنان ٢٤

كلمات دلالية: حزب الله

إقرأ أيضاً:

هل أقنع زيلينسكي أخيرًا ترامب بالوقوف إلى جانبه؟

استطاعت كييف وواشنطن الوصول إلى أرضية مشتركة. فبعد توقيع أول اتفاق رسمي بينهما، شهدت العلاقات تحسنًا ملحوظًا. لكن، هل سيكون ذلك كافيًا ليتمكن الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي من كسب دونالد ترامب إلى صفه؟ اعلان

خلال المناظرة الرئاسية الانتخابية العام الماضي، تجنب ترامب الإجابة عن سؤال حول ما إذا كان يرى أن كييف ستنتصر في نهاية معركتها ضد موسكو. مع ذلك، أطلق وعده الشهير بإنهاء الحرب في غضون 24 ساعة.

ومنذ ذلك الحين، وكييف تحاول إقناع سيد البيت الأبيض بتقديم الدعم لها، وبعبارة أكثر دقة، الوقوف إلى جانبها.

لكن العلاقة بين الرئيسين الأمريكي والأوكراني مرّت بمنعطفات كثيرة، بدءًا من اتهام ترامب لزيلينسكي بأنه "ديكتاتور" قبيل الانتخابات الرئاسية في سبتمبر/أيلول 2024، وصولاً إلى المشادة الكلامية غير المسبوقة بينهما في المكتب البيضاوي.

طيلة هذه الفترة، لم يتوانَ الرئيس الأوكراني لحظة عن إبداء حسن نيته في إنهاء الحرب، ففي أواخر مارس/آذار، وافقت كييف على مقترح واشنطن لوقف فوري لإطلاق النار لمدة 30 يومًا، شرط أن تلتزم موسكو بذلك أيضًا.

ورغم مرور شهرين على الاقتراح، إلا أن وقف إطلاق النار الذي دعت إليه أمريكا لم يُطبَّق فعليًا على الأرض، إذ لا يزال الأمر متوقفًا على روسيا.

السلام الحقيقي ووقف إطلاق النار غير المشروط

في المقابل، أعلنت موسكو -من جانب واحد- مرتين عن وقف قصير لإطلاق النار: الأول خلال عيد الفصح، والثاني للاحتفال بيوم النصر. ولكن في كلتا المناسبتين، تقول كييف إن الكرملين انتهك هدنته الخاصة وأصرّ على رفض اقتراح وقف إطلاق نار غير مشروط لمدة 30 يومًا.

على النقيض من ذلك، تمكنت أوكرانيا من التفاوض مع الولايات المتحدة وتوقيع صفقة للمعادن النادرة. بينما لم تحقق موسكو أي تقدم يُذكر معها ولم تُظهر أي مرونة. بل إن أقصى ما قدمته كان استعدادًا للتخلي عن الأراضي الأوكرانية غير المحتلة، مثل أجزاء كبيرة من منطقتي خيرسون وزاباروجيا.

وفي ذات الوقت، كثفت أوكرانيا هجماتها العسكرية.

وقبل أيام من العرض العسكري الروسي، زادت من هجمات الطائرات المسيرة على موسكو، مما أدى إلى شلّ المجال الجوي فوق العاصمة الروسية في اللحظة التي كان فيها بوتين يتوقع استقبال ضيوفه من زعماء الدول لحضور فعاليات عيد النصر.

ربما أثمرت هذه الاستراتيجية، ففي مساء يوم الخميس، أجرى ترامب وزيلينسكي مكالمة هاتفية مطولة ناقشا خلالها اتفاق المعادن المصادق عليه.

وفي وقت لاحق، أصدر الرئيس الأوكراني بيانًا على منصة "إكس" أكد فيه استعداد أوكرانيا لوقف إطلاق نار غير مشروط.

وقال: "أوكرانيا مستعدة لوقف إطلاق النار الكامل بدءًا من الآن، من هذه اللحظة بالذات - وقف إطلاق نار لمدة 30 يومًا."

وأضاف: "ولكن يجب أن يكون هذا الوقف حقيقيًا. لا قصف بالصواريخ أو الطائرات المسيرة، ولا مئات الهجمات على الجبهة. يجب على الروس الرد بشكل مناسب - من خلال دعم وقف إطلاق النار وإثبات استعدادهم لإنهاء الحرب."

وأشار زيلينسكي إلى أن هذه ليست المرة الأولى التي تقدم فيها كييف هذا العرض، مؤكدًا: "ثلاثون يومًا يمكن أن تكون فاتحة لسنوات من السلام. إن وقف إطلاق النار الدائم والموثوق به سيكون مؤشرًا حقيقيًا للتحرك نحو السلام."

رئيس الأمريكي دونالد ترامب مع الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي في البيت الأبيض، 28 فبراير/شباط 2025AP Photo

وتابع الرئيس الأوكراني: "يمكن لأمريكا أن تساعد في ذلك. فالعالم يحتاج إليها الآن كما كان الحال قبل ثمانين عامًا."

اعلان

وكان الرئيس الأمريكي المثير للجدل قد أدلى بتصريح بدا أكثر اعتدالاً على منصة "تروث سوشيال" حيث قال إن المحادثات بين روسيا وأوكرانيا مستمرة، مشيراً إلى أن واشنطن مستعدة للقبول بوقف إطلاق نار أقصر يستمر أقل من 30 يوماً.

وحذر الزعيم الجمهوري الكرملين قائلًا: "إذا لم يتم احترام وقف إطلاق النار، فإن الولايات المتحدة وشركاءها سيفرضون المزيد من العقوبات"، مضيفًا "يجب أن يرغب الجميع في أن يتوقف ذلك".

وتابع: "أنا أريد ذلك، والولايات المتحدة تريد ذلك أيضًا. كرئيس، سأبقى ملتزمًا بتأمين السلام بين روسيا وأوكرانيا، جنبًا إلى جنب مع الأوروبيين، وسيكون سلامًا دائمًا".

ثم بدا رئيس البيت الأبيض أنه يتفق مع نظيره الأوكراني حيث قال: "يمكن أن يتم كل ذلك بسرعة كبيرة، وسأكون متاحًا في أي لحظة إذا كانت هناك حاجة إلى خدماتي".

اعلانRelatedميدفيديف يهدد زيلينسكي بعد رفضه هدنة موسكو القصيرة: لا ننتظر ضمانات من ذاك الوقحفي ذكرى النصر.. زيلينسكي يهاجم موسكو: من ارتكبوا مجازر بوتشا سيتحدثون غدا عن جرائم النازيةترامب يدعو روسيا لوقف الهجمات ويزعم أن زيلينسكي مستعد للتخلي عن القرمفانس موسكو تطلب "الكثير"

في وقت سابق، عبّر نائب الرئيس الأمريكي جيه دي فانس عن استيائه من موقف الكرملين، معتبرًا أنه يطالب "بأكثر من اللازم" خلال مفاوضاته مع أوكرانيا.

وأثناء كلمته في مؤتمر أمني عُقد في العاصمة الأمريكية، أكد فانس أن البيت الأبيض يسعى لدفع "الطرفين إلى محادثات مباشرة"، ملوّحًا بإمكانية انسحاب الولايات المتحدة من دور الوساطة إذا استمرت العراقيل.

وقال فانس: "لا يمكنني القول إن الروس غير مهتمين بالتوصل إلى حل لهذه الأزمة. لكن ما أستطيع تأكيده هو أن مطالبهم الحالية تتجاوز الحدود المعقولة. إنهم يبالغون في تلك المطالب. حسنًا؟"

عمال البلدية ينظفون محيط السيارات المحترقة في المنطقة السكنية في أعقاب الهجوم الروسي بطائرة بدون طيار في كييف، 4 مايو/أيار 2025AP Photo

ويبدو أن الكرملين لا يتفق مع تصريحات فانس، إذ قال مساعد الرئيس الروسي، يوري أوشاكوف، الخميس، إن موسكو "قد تخيب آمال واشنطن بطريقة ما".

اعلان

وأضاف أوشاكوف: "إنهم يخيبون آمالنا أيضًا، وربما أكثر مما نخيب آمالهم، ولفترة طويلة"، مشيرًا في الوقت ذاته إلى أن الجانبين "يتجهان نحو عقد لقاء وجهاً لوجه بين ترامب وبوتين".

بين شي بوتين صداقةٌ في قوة الفولاذ

في هذه الأثناء، استضاف الرئيس الروسي فلاديمير بوتين نظيره الصيني شي جين بينغ، الذي زار موسكو لحضور العرض العسكري الذي أقيم الجمعة بمناسبة عيد النصر.

وقبيل وصوله، نشر شي جين بينغ مقالًا في وسائل الإعلام الصينية والروسية، أجرى فيه مقارنة بين "الهيمنة" الأمريكية في العصر الحديث و"القوى الفاشية المتغطرسة" التي كانت تهيمن قبل ثمانين عامًا.

وقال شي في مقاله: "القوى العادلة في العالم، بما في ذلك الصين والاتحاد السوفييتي، قاتلت بشجاعة وهزمت القوى الفاشية المتغطرسة جنبًا إلى جنب".

اعلان

وأضاف: "بعد مرور ثمانين عامًا، أصبحت الأحادية والهيمنة والتسلط مؤذية للغاية. لقد أصبحت البشرية مرة أخرى على مفترق طرق".

الرئيس الصيني شي جين بينغ يمر أمام حرس الشرف الروسي عند وصوله إلى مطار فنوكوفو في موسكو، 7 مايو 2025.AP Photo

وفي بيان مشترك، أكد الرئيسان شي جين بينغ وفلاديمير بوتين أن الحرب في أوكرانيا لا يمكن حلها إلا من خلال معالجة "أسبابها الجذرية"، في إشارة إلى الدعم الصيني المستمر للغزو الروسي الشامل لأوكرانيا.

وشدد الرئيس الصيني على أن العلاقة التي تجمع بلاده بروسيا يجب أن تكون مثل "الفولاذ الذي مرّ بتجربة النار"، متعهّدًا بالتنسيق في مختلف المجالات، بما فيها العسكرية، والتصدي بحزم لما وصفه بـ"مسار واشنطن المتمثل في الاحتواء المزدوج" لبكين وموسكو.

ترامب يزور الشرق الأوسط

في الأسبوع المقبل، يبدأ الرئيس الأمريكي دونالد ترامب جولة في الشرق الأوسط تشمل السعودية وقطر والإمارات العربية المتحدة.

اعلان

وقد لعبت هذه الدول الثلاث دورًا محوريًا في جهود أوكرانيا لإنهاء الحرب الروسية من خلال المساعدة في تبادل أسرى الحرب وضمان عودة الأطفال الأوكرانيين الذين رحّلتهم موسكو قسرًا.

في المقابل، لم يصدر أي تعليق من الكرملين حول إمكانية قيام الرئيس بوتين بزيارة مماثلة إلى الشرق الأوسط.

انتقل إلى اختصارات الوصولشارك هذا المقالمحادثة

مقالات مشابهة

  • عون للأمير مشعل: أشكركم على الحفاوة التي عكست مدى محبتكم للبنان
  • ثُمَّ شَقَّتْ هَدأةَ الليلِ رُصَاصة !!
  • الحرب العالمية الثانية.. الصراع الدموي الذي يشكل العالم إلى اليوم
  • ما هو يوم الحج الذي أوجب الله عليه الناس؟ تعرف عليه
  • سلطنة عُمان.. الودق الذي يُطفئ الحروب
  • لانا الشريف وجه الطفولة بغزة الذي شوهته الحرب الإسرائيلية
  • الأمراض التي قد يشير إليها الطفح الذي يصيب أكبر عضو في الجسم
  • حزام ناري غير مسبوق.. إسرائيل تريد العودة إلى أجواء الحرب!
  • هل أقنع زيلينسكي أخيرًا ترامب بالوقوف إلى جانبه؟
  • نشر صورتين مختلفتين للجوهرة الزرقاء.. ناشط سوداني يوثق للحال الذي وصل إليه إستاد الهلال بعد الحرب