أكتوبر.. العبور من الانكسار إلى الانتصار (2-2)
تاريخ النشر: 13th, October 2023 GMT
فى مقالى هذا، أستكمل حديثى عن انتصارات أكتوبر المجيدة، وتجلياتها الشعبية، وهو حديث بدأته فى المقال السابق، وأرى أنه يستحق مقالات عدة للتحدث عن مدى التأثير النفسى والاجتماعى والشعبى الذى أحدثته تجليات هذا النصر فى نفوس المصريين.
إن الصورة التى تجلت بها حرب أكتوبر المجيدة فى أدبنا الشعبي، عبر أنواعه المختلفة، تستحق منا أن نكتب عنها العديد من المقالات التى تبرز هذه التجليات المهمة على كافة مستوياتها.
إن الصورة التى لا يزال المصريون يختزنونها للرئيس السابق محمد أنور السادات، صورته الحاسمة، مرتديًا بدلته العسكرية، بل هى الصورة نفسها، التى كثيرًا ما أجدها معلقة على حوائط معظم البيوت المصرية، خاصة بيوت هؤلاء الفقراء فى ضواحى مصر المحروسة، المؤمنين بدور الرئيس الراحل، والجيش المصري، والمحبين لوطنهم. ولعل المصريين وهم يختزنون هذه الصورة، إنما يربطون هذه الصورة، وصاحبها بهذا النصر الذى أعاد للمصريين جزءًا كبيرًا من كرامتهم وثقتهم بأنفسهم. وبقدر ما تحمل هذه الصورة دلالة على ارتباط الشعب المصرى بجيشه، ممثلًا فى شغفه ببدلة قائده العسكرية، فإنها تحمل دلالة، لا تقل عنها أهمية، وهى أن الشعب المصرى شعب لا يمل من حمل السلاح؛ دفاعًا عن أرضه وعرضه ووطنه.
قولوا ياما أحلاها بلادي فيها يسكن ريم الوادي
ياما أحلى مصر الغالية هَلْها ناس عزاز عليَّه
وليها نيل غزير الميه والشمس والجو الهادي
هذه كلمات لشاعر شعبى مصرى مهمش هو عبد الصادق البدرماني، شاعر واحاتي، التقاه وجمعها منه الباحث أمين رسمى عبد الصمد، فى رسالته للماجستير، وهى جزء صغير من قصيدته التى يتغنى فيها بحبه لهذا الوطن، وفخره بانتمائه إليه. وعندما نتأمل موروثنا الشعبي، القولى منه والمادي، سنجده مليئًا بتلك الإبداعات التى ترتبط بالأحداث السياسية المهمة فى تاريخنا المصرى القديم منه والحديث. ولاشك أن من بين هذه الأحداث السياسية الكبرى التى توقفت عندها الذاكرة الشعبية المصرية، حرب أكتوبر. فانتصار أكتوبر حظى بدرجة كبيرة من الاهتمام والحفاوة فى ذاكرة المصريين؛ نظرًا إلى أنه الانتصار الذى أعاد الكرامة إلى الذات المصرية والعربية، بعد هزيمة كادت أن تقضى على روح المصريين بل روح العرب. فبالرغم من كارثية نكسة عام ١٩٦٧، فإن الروح الشعبية سرعان ما حاولت أن تستنهض الهمة المصرية، والدعوة إلى عدم الاستسلام. لذلك نجد أدبنا الشعبى المصرى ينتبه إلى ضرورة عودة الروح فى جسد الجيش المصري، بل فى جسد المصريين، واعتبار هزيمة ١٩٦٧ ثأرا لابد من أخذه فى أقرب وقت ممكن. وهو ما يعبر عنه أحد الشعراء الشعبيين بقوله:
بعون الكريم يا سينا حكم المسلمين عوَّاد ونغز رايات السعد من رابعة لبير العبد
واللى جرى أول من صنعة الفسّاد ربى يجبر صوابنا ونعمر اللى انهد
واللى تجيب التار أم اصبع وزناد والملح لن ثار ما يختشى من حد
نور النبى عين تروى كل ورَّاد واللى طنيبه رسول الله ما ينهزم من عبد
فهذا الشعور القومى والديني- بحسب قول خطرى عرابي، الذى قام بجمع هذا النص- يخلق فى الشاعر والمتلقى الأمل فى الانتصار، والأمل فى الأخذ بالثأر ما بين عشية أو ضحاها، بحسب قول الشاعر نفسه فى قصيدة شعبية أخرى، جمعها د. خطري:
لا تحسبوا اللى صار يظلَّه على مجراه مادام فى العرب من ينقل البارود
الله ولا غيره يجبر كسر الإسلام وما بين صبح ومسا تلقى النقا مردود
*أستاذ الأدب الشعبى بكلية الآداب، جامعة القاهرة
المصدر: البوابة نيوز
إقرأ أيضاً:
ناطق الحكومة: اتفاق وقف العدوان الأمريكي انتصار كبير لليمن
الثورة /
أكد ناطق حكومة التغيير والبناء – وزير الإعلام هاشم شرف الدين، أن الاتفاق الذي أعلنته الخارجية العمانية بشأن وقف العدوان الأمريكي على اليمن، هو انتصار كبير لأحرار اليمن المجاهدين، وشاهد واضح على فشل الأمريكيين.
وأوضح ناطق الحكومة في تصريح صحفي أن الفضل في هذا الانتصار، هو لله – سبحانه وتعالى – ثم لعبقرية اليمن في التصدي للعدوان الأمريكي.
وقال: ” مجدداً، تجلت حكمة قائد الثورة – يحفظه الله – بتحقق تأكيداته المستمرة على إمكانية التصدي الفاعل للعدوان الأمريكي واستحالة التأثير على إسناد اليمن لفلسطين، وبالإنجازات العسكرية التي حققتها القوات المسلحة اليمنية، بما في ذلك إسقاط طائرات مسيَّرة أمريكية الصنع وطائرات F18 واستهداف حاملات الطائرات والقطع البحرية الأمريكية وإجبارها على الهروب”.
وأشار إلى أنه ومع القائد والقوات المسلحة برز دور الشعب في التصدي للعدوان الأمريكي وإفشاله، من خلال جهاده المتنوع في سبيل الله، وانتظام مشاركته في المسيرات والفعاليات والشجاعة والثبات رغم التضحيات.
ولفت إلى أنه وعلى الرغم من تفوقها في القوة النارية والتكنولوجيا، فشلت الولايات المتحدة في تحقيق أهدافها العسكرية، وتمكنت القوات المسلحة اليمنية من إلحاق خسائر كبيرة بالقوات الأمريكية، فاضطرت أمريكا إلى وقف عدوانها.
وأضاف”: “ومن المضحك أن تزعم واشنطن أن صنعاء رفعت راية الاستسلام، لكن هذا ليس مهماً، المهم هو أن انتصار اليمن مثّل تحولاً كبيراً في ميزان القوى لصالح اليمن، الذي استطاع إجبار أمريكا على وقف عدوانها ووقف هجماتها، والذي كان من نتائجه السريعة تنامي الدور القيادي والوزن الدولي لصنعاء، فهي من قادت هذا الانتصار، وأثبتت قدرتها على مواجهة قوى عظمى”.
ولفت ناطق الحكومة إلى أن ما يشهد على هذا، هو توالي مباركات المجتمع الدولي – الدول أو المنظمات الدولية – وإعلان ترحيبها بالاتفاق، ما يعد اعترافاً بحق اليمن في الدفاع عن النفس وقدرته على مقاومة أكبر عدوان خارجي، وفي المقابل كشفت التغطية الإعلامية للعدو الإسرائيلي، ردود الفعل الإسرائيلية الغاضبة من الانتصار، حيث اعتبره الصهاينة بمثابة ضربة لكيانهم المجرم الغاصب، تضعه في مواجهة منفردة مع اليمن القوي.
وأوضح أنه وكتفاعل طبيعي معتاد – وإلى جانب استياء اليهود – ظهر استياء خونة اليمن المنافقين، فبأكاذيب مفضوحة مثل “تخلي اليمن عن فلسطين” حاولوا تشويه أحرار اليمن؛ لإحداث شرخ في التماسك الرسمي والشعبي؛ خدمةً لليهود وباقي أعداء اليمن.. لافتاً إلى أنهم يضعون أكاذيبهم دائماً باستمرار أمام وهج الحقيقة الساطع كالشمس.
كما أكد وزير الإعلام أن الشعب اليمني يدرك تماماً، أن الاتفاق يهدف إلى حماية الوطن والشعب من العدوان الأمريكي والتفرغ للتركيز على العدو الصهيوني الذي ينفذ جريمة إبادة في غزة، وأن الاتفاق مبني على مبدأ “وقف العدوان مقابل وقف الهجمات”، وأن اليمن سيبقى – كما كان – حريصاً على حماية الملاحة في البحر الأحمر، وأن الهجمات تستهدف فقط السفن المرتبطة بالعدوان على فلسطين واليمن.
وجدد التأكيد على أن بطولات أحرار اليمن الذين يدافعون عن الوطن وعن فلسطين، ستستمر في سبيل العزة والكرامة والحرية والاستقلال، قائلاً: ومن المؤكد، أن الانتصار قد عزّز الثقة في نفوس أبناء الشعب بالله سبحانه وتعالى، وصوابية الموقف والتحرك، وبأن النصر قادم، في معركة الفتح الموعود والجهاد المقدس، وأن الخونة إلى زوال، وأن اليمن سيبقى صامداً وشامخاً”.
وأضاف أن “شعبنا العزيز يدرك أن الحفاظ على هذا الانتصار والبناء عليه في تحقيق المزيد من الانتصارات والمكاسب للوطن يتطلب الوحدة والتكاتف، واليقظة من أي محاولات أمريكية للالتفاف على الاتفاق أو استغلاله لتحقيق أهداف أخرى”.