السعودية تعلن تقديرات ميزانية 2024 بنفقات 334 مليار دولار
تاريخ النشر: 2nd, October 2023 GMT
أعلنت وزارة المالية السعودية، البيان التمهيدي لميزانية العام المالي 2024، وسط توقعات بأن يبلغ إجمالي النفقات نحو 1.251 تريليون ريال (333.8 مليار دولار)، وهي الأعلى على الإطلاق، فيما تبلغ الإيرادات نحو 1.172 تريليون ريال (312.7 مليار دولار)، بعجز محتمل 79 مليار ريال (21 مليار دولار).
وبحسب بيان وزارة المالية، تقدر قيمة العجز بنحو 1.
وكانت وزارة المالية قد توقعت في البيان التمهيدي لميزانية السعودية لعام 2023 أن تحقق فائضاً خلال العام المقبل بقيمة 21 مليار ريال (5.6 مليار دولار)، بإيرادات 1.146 تريليون ريال (305.8 مليار دولار)، ومصروفات بقيمة 1.125 تريليون ريال (300.2 مليار دولار).
وتعادل ميزانية 2024، وهي الأكبر تاريخياً، نحو 89 ألف ضعف من أول ميزانية للدولة البالغة 14 مليون ريال (3.7 مليار دولار) عام 1934. وتعد ميزانية 2024 رابع موازنة تريليونية تقدرها الحكومة السعودية تاريخياً بعد 2019 البالغة 1.106 تريليون ريال (295.1 مليار دولار) وميزانية 2020 المقدرة حينها بـ1.020 تريليون ريال (272.2 مليار دولار)، و2023 المقدرة بنحو 1.114 تريليون ريال (297.3 مليار دولار). النمو الاقتصادي خفضت الوزارة توقعاتها لنمو الناتج المحلي إلى 0.03 في المئة خلال 2023 مقارنة بـ3.1 في المئة بالتقديرات السابقة، مما أرجعته إلى الخفض الطوعي لإنتاج النفط، في وقت توقعت فيه نمو الناتج المحلي للأنشطة غير النفطية 5.9 في المئة.
كما قلصت توقعاتها للناتج المحلي للعام المقبل إلى 4.4 في المئة من 5.7 في المئة بالتقديرات السابقة، فيما رجحت نمو الناتج المحلي الحقيقي بنسبة 5.7 في المئة خلال 2025، و5.1 في المئة خلال 2026.
الدين العام على صعيد الدين العام، رفعت السعودية تقديراتها له 7.7 في المئة خلال 2023 إلى 1.02 تريليون ريال (272.2 مليار دولار)، من 951 مليار ريال (253.8 مليار دولار)، ليعادل 24.8 في المئة من الناتج المحلي، على خلفية ترجيحها ارتفاع محفظة الدين العام نتيجة للتوسع في الإنفاق لتسريع وتيرة تنفيذ بعض المشاريع.
تقديرات عام 2023 بالنسبة إلى تقديرات عام 2023، توقعت وزارة المالية ارتفاع الإنفاق إلى 1.26 تريليون ريال (336.3 مليار دولار)، مقارنة بالتقديرات السابقة البالغة 1.1 تريليون ريال (293.7 مليار دولار)، لتسجل عجزاً بقيمة 82 مليار ريال (21.8 مليار دولار)، علماً أن موازنة العام الحالي كانت تتوقع تسجيل فائض بقيمة 16 مليار ريال (4.3 مليار دولار).
وتوقعت السعودية تسجيل 73 مليار ريال (19.5 مليار دولار) عجزاً في 2025، على خلفية ارتفاع المصروفات 1.3 تريليون ريال (347 مليار دولار)، في مقابل إيرادات بقيمة 1.227 تريليون ريال (327.5 مليار دولار)، على أن يرتفع العجز في العام التالي إلى 109 مليارات ريال (29 مليار دولار) بمصروفات 1.368 تريليون ريال (365 مليار دولار
المصدر: مأرب برس
إقرأ أيضاً:
الذكاء الاصطناعي.. النفط الجديد في القرن الحادي والعشرين
"إنّ العلم هو القوة التي تكشف للإنسان أسرار الكون، والتكنولوجيا هي اليد التي تُحوِّل هذا العلم إلى واقع" (الدكتور عبد القدير خان)
نقف اليوم أمام لحظة تاريخية غير مسبوقة، لحظة تتزحزح فيها موازين القوة من براميل النفط إلى خوارزميات الذكاء الاصطناعي، ومن أصابع اليد العاملة إلى مفاتيح الرقمنة والتحوّل التقني. لقد أعاد الذكاء الاصطناعي تشكيل الاقتصاد العالمي بعمقٍ لا يمكن تجاهله؛ فلم يعد ممكنا فهم عالمنا الحديث دون إدراك أثره على الإنتاج، والتجارة، والسياسة، والدبلوماسية، والدفاع، وحتى الخدمات الدينية والاجتماعية.
فبحلول عام 2023 بلغ الأثر الاقتصادي العالمي للذكاء الاصطناعي أكثر من 4 تريليونات دولار، مع توقّعات ببلوغه نحو 15 تريليون دولار بحلول عام 2030. وعلى الرغم من أن 300 مليون وظيفة مكتبية أصبحت مهدّدة، فإن الذكاء الاصطناعي في المقابل أسهم في خلق 97 مليون وظيفة رقمية جديدة؛ في مشهد يكشف أنّ المستقبل لا ينتمي لمن يملك الموارد فقط، بل لمن يملك القدرة على توظيف العلم وتوجيهه. لقد استثمرت الولايات المتحدة حتى اليوم ما يقارب 250 مليار دولار في الذكاء الاصطناعي، والصين نحو 60 مليار دولار سنويا، والإمارات 3 مليارات، فيما حدّدت السعودية ضمن "رؤية 2030" استثمارات تتجاوز 20 مليار دولار في هذا القطاع، الأمر الذي يجعل مساهمة الذكاء الاصطناعي في الناتج المحلي السعودي تصل إلى 12.4 في المئة وفي الإمارات إلى 14 في المئة بحلول 2030، وهي من أعلى النسب عالميا.
احتضان الذكاء الاصطناعي مسؤولية معرفية وأخلاقية في آن واحد. وإذا واصل الخليج هذا المسار بذكاء، فقد يصبح بحلول ثلاثينيات هذا القرن لاعبا محوريا على طاولة صناعة القرار التكنولوجي العالمي، لا موضوعا لقرارات الآخرين
وتشير مؤشرات الجاهزية الرقمية إلى تقدّم الولايات المتحدة والصين والمملكة المتحدة، فيما تحتل الإمارات المرتبة 21 والسعودية 31 وقطر ضمن الأربعين عالميا. لقد غيّر الذكاء الاصطناعي البنية الاقتصادية في الخليج؛ فـ85 في المئة من المخالفات المرورية في دبي تصدر عبر كاميرات ذكية، و"مترو دبي" أكبر شبكة قطارات ذاتية القيادة في العالم، و"قطار الحرمين" يعمل بأنظمة تشغيل ذكية، وتحوّلت خدمات الهجرة والإقامات إلى روبوتات محادثة، واعتمدت "طيران الإمارات" على التشغيل الآلي بنسبة 50 في المئة في إجراءات السفر، بينما أصبحت 60 في المئة من وثائق المحاكم في الإمارات مُعالجة آليا.
وعلى الصعيد العالمي، فإنّ قطاعات التصنيع، والخدمات الصحية، والخدمات المصرفية، واللوجستيات، والأمن والدفاع، جميعها تنتقل من نموذج "القرار البشري" إلى نموذج "القرار الخوارزمي"، مع توقعات بتحقيق 1.3 تريليون دولار كفاءة إضافية في سلاسل الإمداد العالمية سنويا.
ويعكس الاعتماد المتزايد على الطائرات المسيّرة الذكية، وتحليل البيانات الدفاعية، والإنذار المبكر حقيقة جديدة: إن الحرب التقليدية تفقد معناها أمام قوة الذكاء الاصطناعي. ومن هنا يتعامل الخليج (السعودية والإمارات وقطر) مع الذكاء الاصطناعي ليس كأداة تقنية، بل كبنية تحتية للأمن القومي والقوة الجيو-اقتصادية. فمن "نيوم" إلى "سدايا" إلى "القمة العالمية للذكاء الاصطناعي"، ومن تطوير نماذج لغوية عربية ضخمة إلى تخريج نحو 40 ألف متخصص بحلول 2030، تتّجه السعودية بوضوح نحو أن تكون دولة منتِجة للتقنية لا مستهلكة لها.
وقد أدرك العلماء المسلمون الأوائل قيمة التجديد؛ فقال الخوارزمي: "غاية العلم اتخاذ القرار الصحيح"، وأكد ابن الهيثم أنّ "الحقيقة لا تُدرَك إلا بنور العقل"، فيما كتب ابن رشد: "إنّ رؤية الحقائق الجديدة بعيون قديمة نوعٌ من الظلم". تلك المبادئ تجعل من احتضان الذكاء الاصطناعي مسؤولية معرفية وأخلاقية في آن واحد. وإذا واصل الخليج هذا المسار بذكاء، فقد يصبح بحلول ثلاثينيات هذا القرن لاعبا محوريا على طاولة صناعة القرار التكنولوجي العالمي، لا موضوعا لقرارات الآخرين.
إنّ "رؤية السعودية 2030" والاستراتيجية الإماراتية القائمة على "الذكاء الاصطناعي أولا" تشكّلان ركيزتين تمهّدان لهذا الدور. وعند هذه النقطة يبرز سؤالان لا ثالث لهما، سؤالٌ قديم وسؤالٌ جديد، الأول: هل ستصبح الدول العربية، وفي مقدمتها الخليج، شريكا في بناء الحضارة الرقمية الصاعدة، أم ستكتفي بدور المتفرّج؟ والثاني: هل سيُمسكَ بزمام المستقبل من يملك النفط، أم من يملك الخوارزميات والبيانات؟ إنّ الذكاء الاصطناعي لا يمنح العرب فرصة للّحاق بالعالم فحسب، بل فرصة للمشاركة في صنع العالم نفسه؛ بشرط أن تختار المنطقة أن تكون "منتجا" لهذه التقنية، لا "مستهلكا" لها.
[email protected]
byrumaisa.com