أطياف –
صباح محمد الحسن
تحدثنا بالأمس أن اللافتة التي وضعتها الخارجية السودانية والتي تؤكد أن الطريق مغلق أمام الحل السياسي للأزمة السودانية عندما أوقفت التعاون مع الإيغاد، هو قرار لايساوي الحبر الذي كتب به، لمعرفة الوساطة أن قرارات الحكومة السودانية تعبر عن وجهة نظر النظام البائد والتي لابد أن تكون ضد وقف الحرب لأنه يتعارض مع رغبة قياداتها التي تدير المعارك
لذلك وبعد (٢٤ساعة) فقط أعلن الإتحاد الإفريقي، عن تشكيل لجنة رفيعة المستوى معنية بالسودان، وقال في بيانه عبر منصة "إكس" إن رئيس مفوضيته، موسى فكي، عيّن 3 شخصيات إفريقية بارزة كأعضاء في لجنة الإتحاد الإفريقي رفيعة المستوى المعنية بالسودان برئاسة محمد بن شمباس، الممثل السامي للاتحاد لإسكات السلاح، وستعمل اللجنة مع جميع أصحاب المصلحة السودانيين وجميع القوات المدنية والأطراف العسكرية المتحاربة والجهات الفاعلة الإقليمية والعالمية بما في ذلك الهيئة الحكومية للتنمية (إيغاد) والأمم المتحدة وجامعة الدول العربية، لضمان عملية شاملة نحو الإستعادة السريعة لحكومة السودان والسلام والنظام الدستوري والإستقرار في السودان.
والوساطة الإقليمية الدولية أرادت بهذه الخطوة ان تقول أن مسيرة قطار الحل لاتتوقف عند محطة الخارجية، وأن القطار المسرع نحو الحل لايحتمل حتى النظر لمثل هذه اللافتات، لذلك قال بيان الإتحاد الأفريقي (أن التعيين يدخل حيز التنفيذ على الفور)، إذن لا وقت لمماطلة الخارجية وما تمارسه من (حرد) ولا قيمة ووزن لما تحدده من مواقف
وإصرار الوساطة على تنفيذ رغبتها في الحل يكشفه إعلان الإتحاد عن اللجنة قبل يوم واحد من عقد "إيغاد" قمة طارئة في كمبالا الأوغندية لبحث الأزمة السودانية
وأهم ماجاء في البيان انه إشتمل على عدة نقاط جوهرية تحمل رسائل مباشرة لوزارة الخارجية التي يجب عليها قراءة البيان أكثر من مرة
أولها: أن البيان وضع الممثل السامي للاتحاد لإسكات السلاح محمد بن شمباس، رئيسا وهذه رسالة واضحة تعني ان قرار وقف الحرب بالحوار قرار لارجعه فيه
ثانيها : وأهمها أن اللجنة ستعمل مع الجهات الفاعلة الإقليمية والعالمية بما في ذلك الهيئة الحكومية للتنمية (إيغاد) والأمم المتحدة
مما يعني أن الخارجية السودانية لن تستطيع إبعاد المنظمة من غرفة الحل
وثالثها : أن البيان تقدم أكثر من خطوة وقف النار وقال إن اللجنة تعمل لضمان الإستعادة السريعة لحكومة السودان والسلام والنظام الدستوري والإستقرار في السودان
وإستعادة حكومة السلام مما يعني العمل الجاد من أجل زوال حكومة الحرب المدمرة للبلاد وَالمعرقلة لعملية السلام أي أن اللجنة لايتوقف عملها في عملية إسكات السلاح وإنما إسكات صوت الخارجية
فما افصحت عنه لجنة الاتحاد الأفريقي أخطر على الخارجية مما دعت اليه إيغاد التي حصرت دعوتها فقط في الجمع بين قيادة طرفي الصراع
وليت الخارجية تعلم أن كل بيان ورفض (مشاتر) يجعل مركبها المثقوب يغرف أكثر.
طيف أخير:
#لا_للحرب
رغم غياب السودان عن قمة إيغاد ولكن ربما تخرج القمة بتوصيات مهمة تجعل الطريق للحل أقرب من رغبة الحكومة في إستمرار الحرب
الجريدة
المصدر: سودانايل
إقرأ أيضاً:
الحركة الإسلامية تدفع الدولة السودانية للفناء
الحركة الإسلامية تدفع الدولة السودانية للفناء
صلاح شعيب
للأسف ما تزال المواجهة العسكرية في البلاد تسير من تصعيد كبير إلى تصعيد أكبر. والمردود لكل هذا المزيد مما يلوح في الأفق من شبح انهيار الدولة ما لم يحدث اختراق إن لم تكن معجزة. فالاستقطابان المدني والعسكري العميقان اللذين مزقا وحدة الشعب السوداني بعد الحرب أفشل أي مسعى في السابق لإحداث التسوية بين طرفي القتال.
حتى الآن ما تزال حكومة بورتسودان – بضغط من قادة الحركة الإسلامية – تتعنت للتسوية في مقابل إبداء الدعم السريع الموافقة دوماً للعودة إلى طاولة المفاوضات. وبالمقابل ليس لدى القوى المدنية المركزية الآن ما تقدمه لإطفاء النيران غير المزيد من الافتراق، وقلة الحيلة، وضعف التأثير. وعلى صعيد المجتمعين الإقليمي، والدولي، لا نعثر البتة على جدية لحمل المتقاتلين على وقف إطلاق النار.
ووسط هذه التحديات تشتعل الميديا بخطاب التخوين، والعمالة، والكراهية، والبذاءة، كآخر سقوف للتعاطي مع الأزمة. وبالتزامن تراجعت فاعلية كبار السياسيين، والمثقفين، ورجالات المجتمع الحكماء، والذين فضلوا الانزواء في ظل تفاقم مناخ الابتزاز، والمزايدة.
إن المسؤول الأول عن كل هذه الحرب هو رأس الدولة، والإسلاميون من خلفه. فالحكمة السياسية للبرهان غابت منذ بدايات مسؤوليته الرئاسية الشرفية، وسعى بالتعاون مع المكون العسكري للوقوف ضد المكون المدني لفض الاعتصام الذي شاركت فيه فيالق إسلاموية داعشية من خلف المشهد. ولكن ثوار ديسمبر أجبروا البرهان وحميدتي على الرضوخ لمطالبهم حتى تمخضت الوثيقة الدستورية. ولكن المكون العسكري لم يتعظ. فعرقل الحكومة الانتقالية، وفضل التعاون السري مع قيادات الحركة الإسلامية. ولما حانت ساعة الصفر فرض البرهان وحميدتي الانقلاب الذي أفشله نضال ثوار ديسمبر.
مرة ثانية لاحت فرصة لإنقاذ الوضع بالاتفاق الإطاري، ولكن البرهان خدع القوى السياسية في الوقت الذي كان يدبر مع الإسلاميين للتخلص من الدعم السريع الذي أبدى موافقته لدعم الاتفاق الإطاري. وهكذا خلص التآمر ضد الحل التفاوضي إلى الحرب للتخلص من قوة الدعم السريع كخطوة أولى لإنهاء كل ما يتصل بثورة ديسمبر، ومؤسساتها، وخطابها، وأحزابها، ورموزها.
الآن..حصد البرهان، والإسلاميون، ثمار مشروعهم الحربي الذي أدّى إلى الكوارث الإنسانية التي لا تُخفى آثارها على أحد. فالتدمير غير المسبوق الذي يقوم به الدعم السريع للمنشآت العسكرية والحيوية كرد فعل على قصف الجيش لمناطق سيطرته ربما يؤدي إلى شل حركة البلد تماماً. وهذا ينذر بكارثة إنسانية لم تشهدها البشرية من قبل، وستكون متضاعفة عشرات المرات عما هو عليه حال السودان من كوارث.
ما تزال الفرصة سانحة لإنقاذ السودان، ومواطنيه، إذا توفرت قدرات سياسية داخلية لإيقاف الحرب مدفوعة بضغط دولي على المكونات الإقليمية الداعمة للطرفين. وبغير ذلك فإن المتوقع هو تحقيق مشروع الحركة الإسلامية القائم على تفتيت البلاد إذا لم يعودوا للسلطة مرة ثانية. وهذه هي كل قصة الحرب بلا رتوش، أو مكياج فكري، أو فقهي، ولا يفهمها إلا من أوتي البصارة بتاريخ ودوافع الإسلاميين.
لقد ظللنا منذ بدء الحرب ندعو الرأي العام، وعقلاء السودان، للضغط من أجل إيقاف الحرب اللعينة، وكشف مخططات الحركة الإسلامية لمحو تراث ثورة ديسمبر، والعودة إلى السلطة. وسنظل في هذا الموقف إلى آخر لحظة تسبق الانهيار التام لوحدة البلاد.