بوابة الوفد:
2025-05-10@00:15:34 GMT

د. كريمة عودة تكتب.. مصابيح القلوب

تاريخ النشر: 22nd, March 2024 GMT

يحيا الإنسان وهو يحاول التعايش بصفاء روحي في واقع مشحون بأعاصير من الاضطرابات، يتعثر وينهض، تارة يستلهم مصادر القوة ويتصالح مع مشاق الحياة، وأخرى يشعر بالتراجع وعدم القدرة على مواصلة السير، وهنا يحتاج لما ينير دربه ويسهل سيره، ويعينه على تخطى أهواء نفسه، والسبيل إلى ذلك التمسك بما كان عليه خير البريه ونورها ـــ صلى الله عليه وسلم ـــ؛ حيث أرشدنا إلى مفاتيح العيش في الحياة بلا عنت، ووسائل تهدي القلوب وترشد البصائر، وسَنُعَرّج في هذه الكلمات حول بعض الوصايا النبوية التي تُضيء القلوب، وتُسعدها، وتُسَكِّنها عند ثورتها، وفي الالتزام بها دليل على حسن عبودية العبد لباريه.

البحوث الإسلامية يصدر عدد رمضان من مجلة الأزهر مع ملف خاص عن الشهر الفضيل مصابيح القلوب 

ومن مصابيح القلوب: تهذيبها من الشوائب التي تجعل الإنسان مشغولًا بغيره، ينظر لما في يده من نعمة، متناسيًا قَدَر الله في خلقه، الذي قسم الأرزاق بين عباده لحِكَم قد تخفى علينا، وفيها الخير لكلٍ منَّا، والمصباح الذي يزيل عن القلب ظلمته، ويعيده إلى فطرته التمسك بهدي المصطفى ــ صلى الله عليه وسلم ـــ في قوله: "لاَ يُؤْمِنُ أَحَدُكُمْ، حَتَّى يُحِبَّ لِأَخِيهِ مَا يُحِبُّ لِنَفْسِهِ". (رواه الشيخان)، ففي هذا الحديث قاعدة إيمانية عظيمة؛ لو طبقها الإنسان في حياته بأن يحيا متمنيًا لغيره الخير، سعيدًا بما يحظى به؛ ستهدأ روحه، وتسكن نفسه، ويسعد بما قُسم له من رزق. 

ومن مصابيح القلوب: الرضا، ولا يقصد به الرضا بالنفس؛ لأن من رضي عن نفسه استحسن حالها، ولم يدافع المعاصي ويخالف هواه، ولكن المقصود هو الرضا بالرزق من مال وصحة وولد بعد الأخذ بأسباب السعي المشروعة، فقد نبهنا المصطفى ـــ صلى الله عليه وسلم ـــ لذلك في قوله: "فَمَنْ رَضِيَ فَلَهُ الرِّضَا، وَمَنْ سَخِطَ فَلَهُ السَّخَطُ" (سنن الترمذي)، بالرضى ينشرح الصدر وتهدأ النفس ولا تكترث بمصابها بشكل يعوقها عن القيام بدورها. قال أحد الصالحين في فضل الرضا: إنه عبادة لا ينقطع أجرها.
مع ملاحظة أن الرضا لا يتنافى مع حسن السعي، وليس المقصود به الرضا بالنقائص فقد قال الطيب المتنبي: ولم أر في عيوب الناس عيبًا ... كنقص القادرين على التمام. 

ويضيء القلب أيضا بالصبر عند الابتلاء، والقدرة على تخطي ما أصابه دون فزع، وكذلك الصبر على الطاعات بعدم الانقطاع عنها، ويدل على عظم أجر الصبر أن المولى عز وجل ذكره في القرآن في نحو سبعين موضعًا، وقال الإمام الغزالي ـــ رحمه الله ـــ: "فإن الإيمان نصفان نصف صبر ونصف شكر". تذكر أجر الصبر يضيء القلب عند الجزع، ويعين الإنسان على التمسك بأسباب القوة النفسية والمادية التي يحتاج إليها ليواصل السير في دربه بتوازن وحِكمة.
فإذا رضي الإنسان برزقه، وصبر على ما ألمَّ به، ولم يقارن حاله بغيره، سينعم بنور في بصيرته، وسبيلًا للسير في الحياة بلا أسى، ولم تطغى عليه طِباع السوء.

بقلم د. كريمة عودة، باحثة بمجمع البحوث الإسلامية

المصدر: بوابة الوفد

كلمات دلالية: التعايش

إقرأ أيضاً:

المراهنة على قوة أمريكا وإسرائيل خسارة..والثقة بالله والتوكل عليه نصرٌ مؤزر

 

لطالما راهن المرتزقة والعملاء في المنطقة على القوة الأمريكية، معتقدين أن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب هو “مخلصهم” الذي سيعيدهم إلى كراسي السلطة في اليمن، ويضمن لهم الهيمنة بقوة الدعم الأمريكي لكن اليوم، تُعلن أمريكا نفسها – عبر تصريحات ترامب – عن وقف عدوانها على اليمن، وهو ما يُعتبر اعترافًا ضمنيًا بالفشل أمام صمود الشعب اليمني وإرادته

من يراهن على أمريكا وإسرائيل خاسر لا محالة.. التجربة اليمنية أثبتت مرة أخرى أن كل من يعتمد على القوى الخارجية، سواء كانت أمريكا أو إسرائيل او دول تحالف العدوان السعودية والإمارات ومن معهم مصيره الخسران والخذلان. فالقوى الاستعمارية لا تعمل إلا لمصالحها، وهي مستعدة للتخلي عن حلفائها بمجرد أن تدرك أن المعركة غير مربحة.. اليوم، يتراجع ترامب عن عدوانه، ليس حبًا في السلام، بل لأن اليمن – بقوة إيمانه وتضحياته – جعل العدوان الأمريكي عبئًا لا طائل تحته أن إعادة السيطرة على السيادة اليمنية امر مستحيل وغير ممكن

أمريكا تتراجع.. واليمن صامد ..أعلن ترامب مؤخرًا أن أمريكا ستوقف عدوانها على اليمن مقابل ايقاف اليمن استهداف السفن الأمريكية في البحر الأحمر، محاولاً إظهار الأمر كانتصار عسكري، لكن الحقيقة أن هذا التراجع هو اعتراف بالهزيمة فاليمن، رغم كل الحصار والغارات، لم يتراجع عن موقفه الثابت في دعم غزة ومواجهة العدوان الصهيوني تصريحات السيد القائد عبدالملك بدرالدين الحوثي – يحفظه الله – كانت واضحة وصريحة: “أوقفوا العدوان وارفعوا الحصار عن غزة، وسنوقف عملياتنا”. أمريكا أرادت أن تفرض شروطها، لكنها فوجئت بأن اليمن هو من يفرض شروطه.

لا عزاء للمرتزقة والخونة.. الذين راهنوا على الغارات الأمريكية لإنقاذهم من سخط الشعب، اليوم يجرون أذيال الخيبة. أمريكا لا تعمل إلا لمصالحها، وقد أدركت أن اليمن معركة خاسرة.. المرتزقة وأذيالهم في المنطقة تاهوا بين وعود أمريكا وانتصارات المقاومة، والنتيجة أنهم خسروا رهانهم، بينما انتصر اليمن بإرادته وإيمانه

الانتصار بقوة الله.. لا بقوة ترامب ..الدرس الأكبر هنا أن النصر لا يأتي بقوة الطغيان، بل بقوة الإيمان والتوكل على الله القوي الجبار. اليمن، رغم كل التحديات، أثبت أن الأمة عندما تتوكل على الله وتتحد، فإن هزيمة المستكبرين حتمية أمريكا قد توقف عدوانها اليوم، لكنها ستخرج – كما خرجت من فيتنام وأفغانستان – تجر أذيال الهزيمة، بينما يبقى اليمن وأهله شامخين بإذن الله

فلا تهنأ أمريكا بتراجعها المذل.. فاليمن باقٍ، والمقاومة مستمرة ولن نتراجع عن موقفنا الثابت مع غزة، والنصر بإذن الله قادم

مقالات مشابهة

  • خطيب المسجد النبوي: سيرة النبي محمد رحلة مفعمة بالدروس
  • خطيب المسجد النبوي: سيرة النبي محمد دستور يصلح حال البشرية كلها
  • خطبتا الجمعة بالحرمين: لا حج إلا بتصريح فنعمة الأمن والأمان من أعظم النعم.. ولن يخزي الله مسلمًا سار على هدي نبيه
  • المراهنة على قوة أمريكا و”إسرائيل” خسارة.. والثقة بالله والتوكل عليه نصرٌ مؤزر
  • المراهنة على قوة أمريكا وإسرائيل خسارة..والثقة بالله والتوكل عليه نصرٌ مؤزر
  • خالد الجندي: الرضا أعظم نعمة.. والبلاء قد يكون سببًا في إدراك نعم عظيمة
  • لمياء شرف تكتب: الأمر لم ينتهِ.. انهض.. الفشل جزء من النجاح
  • دعاء زيادة الرزق .. احرص عليه في الثلث الأخير من الليل
  • هل يجوز دخول الحمام بخاتم عليه آية قرآنية؟.. الإفتاء توضح
  • دعاء السيدة عائشة للرزق أوصاها النبي به .. احرص عليه في الثلث الأخير من الليل