المشهد اليمني:
2025-05-07@13:22:26 GMT

مشرب الزحف العربي

تاريخ النشر: 2nd, October 2023 GMT

مشرب الزحف العربي

هكذا كان اسمه حين عرفته طفلا في عدن ، و مايزال حتى اليوم يحمل الاسم نفسه، و بنفس رسم الخط الذي كان عليه حين رأيته طفلا أول مرة.

مشرب الزحف العربي محل يقدم عصير الليمون و الثريب مع بعض الوجبات الخفيفة ، في حي الشيخ عثمان بعدن، ضمن المحال التي تقع في الدور الأرضي لمسجد النور، و على الجانب الأيسر من قبلة المسجد.

منذ أيام خلت، زرت عدن الجميلة العاصمة المؤقتة و كلما زرتها تستهوي نفسي أن أزور مسجد النور و حواليه؛ فحي الشيخ عثمان كان أول مكان وطئته قدماي حين قدمت إلى عدن، و لأيام الطفولة مخزون من الذكريات لدى كل إنسان. إلا أن الزمن الذي يقف بك وجها لوجه أمام ذكريات الطفولة فكأنما يقف بك أمام قريب حبيب كلما تكرر اللقاء بين حين و آخر !

أذكر تماما أنني عندما غادرت قريتي في الشمايتين تعز، أول مرة إلى عدن للدراسة، وصلت بنا السيارة إلى الشيخ عثمان بعد صلاة العشاء،و بعد سفر نصفه على ظهر الحمار، و النصف الآخر على السيارة.

كان ذلك اليوم هو أول مرة أرى فيها سيارة ! صحيح أن ثورة 26 سبتمبر كانت قد اندلعت؛ لكن بؤس الإمامة كان أكبر من أن تنهي الثورة كل المخلفات الإمامية البائسة التي حرّمت على اليمنيين التعليم فلا مدارس، ولا طرق، و بالتالي فلا سيارات... و كذا كان غياب سائر الخدمات، و فوق ذلك وقفت الفلول الإمامية مدعومة من الاستعمار و أدواته تحارب الثورة، التي كان عليها أن تدافع عن النظام الجمهوري بيد، و تقدم ما استطاعت إليه سبيلا من خدمات باليد الأخرى.

و لذا بدأ التعليم من نقطة الصفر في المدن ناهيك عن الأرياف التي لم تصلها المدارس إلا بعد سنوات. من هنا كانت وجهتنا عدن لنيل التعليم ، حيث عمي عبد الله شقيق أبي الذي تولى تربيتي و تعليمي؛ لأن أبي كان قد قضى في المهجر و أنا في العام الأول من عمري.

يلذ لي الحديث عن عمي عبدالله محمد عقلان، وفاء له أولا،و كنموذج لكل عم يجد ابن أخيه، أو بنت أخيه، قد أدركهما اليتم، أحدهما أو كلاهما.

عشت في كنف عمي، فبحنانه و إشفاقه و رعايته لم أشعر معه بيُتْمٍ أبدا، و لم تكن عمتي التي هي زوجته أقل منه عطفا و حدَبا و رعاية، و كان تعلقي بها شديدا.

اتحدث عنهما لأنني أريد أن أقدم نموذجين فريدين، عَمٌٌ - برغم فقره - احتضن ابن أخيه تربية و تعليما، و تزويجا، و كان كأحد أولاده بل أحب.، و كذلك كانت عمتي بالدرجة ذاتها ، رحمهما الله جميعا.. مرة أخرى أكتب هذا تحفيزا لكل عَم أو جدّ، أو أخ كبير.

نزلت عدن طفلا لعدم وجود المدارس في بلاد ما كان يعرف بالشمال، إذ ضرب الحكم الإمامي المتخلف أسوار الحرمان على البلاد.

و اليوم يعمل الإماميّون الجدد بكل وسيلة لاستعادة ذلك الحرمان، فها هم اليوم يحاربون العلم و التعليم، و بكل شراسة و خبث. و ها نحن نرى حرمان المعلمين من مرتباتهم منذ أكثر من ثماني سنوات، و كذا أساتذة الجامعات.. و غيرهم من الموظفين، و ماتزال النزعة الاستعمارية و أدواتها تمدان أعداء الحياة الحوثيين بكل سبل الإبقاء على الظلم و التجهيل والمرض،و الدمار ..!!

وصلنا عدن بعد سفر مُضْنٍ، و ما أن رأيت أضواء المدينة و انتشار السيارات حتى أبهرني المنظر، و أدهشني ما أرى؛ لذلك استجبت مسرعا لرغبة زميل لي من القرية كان قد سبقني إلى عدن، في أن أخرج معه في تلك الساعة، و مشى بي إلى أحد المحال التي تقع تحت مسجد النور، و كان على مسافة قصيرة من المنزل الذي وصلنا إليه، فقدم لي أحد الأقارب ممن كان يعمل في محل للملابس سروالا و قميصا مستبدلا بهما الثوب الذي كنت أرتديه.

على بضعة أمتار من هذا المحل كان مشرب الزحف العربي، الذي كانت أناشيد الثورة تصدح منه: أنا الشعب زلزلة عاتية.. جمهورية و من قرح يقرح.. وغيرها من الأناشيد.

كل ما مضى من حديث دار في ذهني، و أنا أتناول عصير الليمون في مشرب الزحف العربي، الذي هو اسم المحل، و الذي مايزال الخط برسمه يوم رأيتهما طفلا، إلا ما يتجدد به من طلاء، كنت قد قرأت في المعلامة في القرية ثمانية عشر جزءا.

ما شدني إلى الوقوف متذكرا،هو أن المحل مايزال كل ما فيه،كما كان؛ بكراسيه، و بلاطه، و صور السلال و جمال، و قرون وعل، بل و مايزال أبناء صاحب المحل،و أحفاده يمتلكون المحل، و قطعا مايزالون ينتظرون ما كان ينتظره أبوهم، و جدهم من زحف عربي !

و لئن عجز النظام العربي اليوم عن الزحف، فلابد أن تزحف الشعوب يوما نحو مجدها و حريتها، و تنتصر على مخططات الاستعمار و أدواته ، فالشعوب قدر الله في أرضه كما يقال،و كما قال أبو القاسم الشابي:

إذا الشعب يوماً أراد الحياة فلا بد أن يستجيب القدر

⇧ موضوعات متعلقة موضوعات متعلقة مقالاتالأعلى قراءةآخر موضوعات آخر الأخبار مشرب الزحف العربي أسعار صرف الريال اليمني مقابل العملات الأجنبية اليوم... صفقة خطيرة بين الحوثي والقاعدة تفضي إلى إطلاق... مقتل مواطن في الضالع عقب استجابته لمجهول طرق... مقالات مشرب الزحف العربي رجل مر بيننا بسلام! ”الجمهورية” تنطلق من المخا فرصة سانحة لتحرير صعدة والحديدة اخترنا لك بدأ العد التنازلي.. صراع الأجنحة يشتعل في صنعاء... انتهت إجازة هذا المغترب اليمني وحينما قام بتوديع... صحيفة إماراتية: الأمور تتجه نحو التصعيد العسكري والحوثيون... ما حقيقة قرار ”كريم بنزيما” بالرحيل عن نادي... الأكثر قراءةً بدأ العد التنازلي.. صراع الأجنحة يشتعل في صنعاء... انتهت إجازة هذا المغترب اليمني وحينما قام بتوديع... صحيفة إماراتية: الأمور تتجه نحو التصعيد العسكري والحوثيون... ما حقيقة قرار ”كريم بنزيما” بالرحيل عن نادي... شاهد آخر فيديو قام بتصويره المصور ”حذيفة ”... الفيس بوك ajelalmashhad تويتر Tweets by mashhadyemeni elzmannews الأقسام المشهد اليمني المشهد المحلي المشهد الدولي المشهد الرياضي المشهد الثقافي المشهد الاقتصادي المشهد الديني الصحف علوم وصحة مقالات حوارات وتقارير منوعات المشهد اليمني الرئيسية من نحن رئيس التحرير هيئة التحرير الخصوصية الشروط اعلن معنا اتصل بنا جميع الحقوق محفوظة © 2021 - 2023
⇡ ×Header×Footer

المصدر: المشهد اليمني

إقرأ أيضاً:

لتعزيز جودة حياة السكان والزوار.. إطلاق “عمارة مكة والمشاعر” لترسيخ إرث العاصمة المقدسة

البلاد – مكة المكرمة
أطلقت الهيئة الملكية لمدينة مكة المكرمة والمشاعر المقدسة أمس (الأحد) رسميًا “عمارة مكة المكرمة والمشاعر المقدسة”، في خطوة تهدف إلى ترسيخ الإرث المعماري العريق للعاصمة المقدسة ومشاعرها، بما يعكس مكانتها الروحية والتاريخية، ويعزز من جودة الحياة للسكان والزوار.
وأكدت الهيئة الملكية، أن عمارة مكة المكرمة تعتمد على ثلاثة مصادر معمارية هي: التوسعة السعودية الثانية للمسجد الحرام، التي تعد مصدرًا معماريًا محوريًا، والمناظر الطبيعية، والعمارة التقليدية، وتم صياغة موجهات التصميم ضمن ستة محاور رئيسة؛ تشمل: الوحدانية، والحرم، والخشوع، والحركة، والطبيعة، والتجريد، للحفاظ على الروحانية الخاصة بالمكان وتعزيز تجربة ضيوف الرحمن.
ويهدف إطلاق “عمارة مكة المكرمة والمشاعر المقدسة” إلى تطوير المشهد العمراني بشكل مستدام ومتوازن، من خلال استخدام مواد محلية تعكس البيئة الطبيعية لمكة المكرمة، وتوفير بدائل متنوعة للبناء تسهم في تعزيز التناسق العمراني.
وتسعى الموجهات التصميمية إلى تحقيق التكامل بين الأصالة والتجديد، وتحسين جودة الحياة، وإيجاد بيئة حضرية تليق بمكانة مدينة مكة المكرمة عالميًا.
وأوضحت الهيئة الملكية أن هذه الخطوة تمثل نتاج عمل تكاملي شاركت فيه مختلف الجهات الحكومية ذات العلاقة، إضافة إلى القطاع الخاص ونخبة من الخبراء والمتخصصين في مجالات التصميم العمراني والتخطيط الحضري، مؤكدةً أن أصالة عمارة مكة المكرمة تسهم في تعزيز المشهد الحضري لمدينة مكة المكرمة والمشاعر المقدسة، وتدعم رؤية العمارة السعودية في إبراز طابع المدن السعودية، مع مراعاة الجوانب التاريخية والثقافية والاقتصادية.
ويُعد إطلاق عمارة مكة المكرمة والمشاعر المقدسة جزءًا من خطة شاملة تقودها الهيئة الملكية؛ بهدف تطوير مدينة مكة المكرمة والمشاعر المقدسة، بما يشمل مشروعات عمرانية واقتصادية واجتماعية، للارتقاء بجودة الحياة، وتحسين المشهد الحضري في مكة المكرمة والمشاعر المقدسة.

مقالات مشابهة

  • الهيئة الوطنية للانتخابات تنظم ندوة تثقيفية تحت عنوان الشباب فى قلب المشهد السياسى
  • ‏حماس تنعى المسؤول العسكري خالد الأحمد الذي قتل في غارة اسرائيلية فجر اليوم في صيدا جنوب لبنان
  • المشهد الإقليمي بعد الهجوم اليمني على مطار “بن غوريون”
  • المشهد الإقليمي بعد الهجوم اليمني على مطار “بن غوريون”
  • المناطق التي شملتها الأمطار أمس وتوقعات اليوم
  • معادلة النفوذ والصراع في إفريقيا والبحر الأحمر: المشهد المركب للرهانات الإقليمية والدولية
  • فيلم “سيكو سيكو” يواصل الزحف نحو القمة ويكسر حاجز الـ158 مليون جنيه في شباك التذاكر
  • بنك القاهرة يشارك في فعاليات اليوم العربي عبر إصدار حساب جديد بالعملة الأجنبية
  • هكذا تراجع لواء غولاني.. تحقيق في معركة زيكيم يربك المشهد الإسرائيلي
  • لتعزيز جودة حياة السكان والزوار.. إطلاق “عمارة مكة والمشاعر” لترسيخ إرث العاصمة المقدسة