عربي21:
2025-05-12@16:20:24 GMT

محطات غزاوية

تاريخ النشر: 16th, November 2023 GMT

لا صوت يعلو فوق صوت المعركة.. هكذا يبدو الجو العام في غالبية العالم. لا يمكنك التطرق لموضوعات حياتية أخرى إلا وموضوعات أحداث غزة العزة تقف أمامك، فلا يمكنك أن تتحدث عن غيرها، وإن لم يجبرك أحد. فلا شيء يمكنه دفع قضايا غزة عن الواجهة. لا يمكن لكاتب أن يتطرق أو يكتب عن قضية يراها الآن أهم من قضية المعركة الدائرة في غزة بين الحق والباطل.

الحق الغزاوي الإسلامي، والباطل الإسرائيلي الصهيوني.  هذا المقال سيكون على شكل محطات قصيرة، لكن روحها واحدة تربط المحطات ببعضها البعض. إنها الروح الغزاوية لا غيرها.

المحطة الأولى

الغرب ظهر في هذه الأحداث بوجهه الحقيقي البشع. الوجه الذي كان عليه في العصور الوسطى. لا عهد ولا ذمة ولا أخلاق. إنما الوحشية الفوضوية الهمجية الحاقدة، مغلفة بروح صليبية متعصبة عمياء. هذا الغرب الذي قال للعالم عملياً منذ السابع من أكتوبر بأن القوانين الدولية التي هو من وضعها وصدّع رؤوسنا بها لسنوات طوال بحثاً عن مصالحه، ليست قابلة للتطبيق عليه وعلى حلفائه، بل إن صح التعبير، قال بوضوح أكثر: لا قوانين نافذة مؤثرة اليوم وإن كانت دولية أممية، طالما كنت تملك ساعداً قوياً وسلاحاً أقوى! إنها شريعة الغاب التي كنا نقرأ ونسمع عنها في الكتب.

المحطة الثانية
العرب في المقابل، ومعهم بقية مسلمي العالم، وأقصد الرسميين لا الشعوب، أثبتوا عملياً أنهم ليسوا سوى أدوات وظيفية بيد الغرب. جزء منهم يسير في الفلك الأمريكي، وآخر مع الفرنسي، وثالث مع الروسي وهكذا هم. متناثرون بين معسكرات العالم المختلفة إلا المعسكر العربي المسلم ! فلا قوة عربية قائدة موجهة، ولا بالمثل قوة إسلامية مؤثرة ملهمة. إنما الجميع، إلا ما رحم ربي وقليل ما هم، تجده يردد: نفسي نفسي.
انتظر العالم طويلاً، موقفاً عربياً أو إسلامياً مما يجري في غزة الأبية، حتى يكون معياراً يتحرك الآخرون على أساسه. فكانت القمة الهزيلة بالرياض بعد شهر من العدوان، والتي ما زادت صورة العرب والمسلمين الرسميين إلا هشاشة وخزياً متجددا.


المحطة الثالثة
المرجفون في المدينة، والمثبطون والمنافقون ومن اصطلح على تسميتهم بصهاينة العرب، ظهرت خفاياهم ودواخلهم في هذه الأحداث أكثر مما مضى. وبدت بواطنهم سوداء حالكة وخبيثة، بل وجدنا كثيراً من نفوس نصرانية وحتى يهودية، أرقى منهم وأكثر إنسانية وأقل سواداً وخبثاً. الإنسانية التي انعدمت تماماً في نفوس صهاينة العرب، وأعادوا أيام ابن سلول في المدينة إلى الواجهة تارة أخرى. يسرحون ويمرحون دون أدنى خجل أو ذرة حياء.


المحطة الرابعة

المقاطعة الاقتصادية فرضت نفسها على الواقع الشعبي، بعد أن وجدت الملايين من هذه الأمة، عرباً وعجما، أن القوة العسكرية ليست متاحة لأي أحد، وليس بالتالي من المنطق أن يتم اتخاذ ذلك مبرراً للقعود والتخلف عن المساهمة في دفع الظلم عن أهل غزة، فظهرت المقاطعة إلى الواجهة، حتى بدأت الشركات الداعمة للصهيونية والعدوان على غزة التي افتخرت بداية الأمر بدعمها، ترفع أصواتها بالاعتذار هنا وهناك، وأن مواقفها قد أُسيء فهمها ! وهذا ما يدعو للاستمرار وبكل فعالية، بل أرى أن تكون المقاطعة من الآن وصاعداً، ثقافة مجتمعية، لا رد فعل مؤقتاً على حدث وتتوقف. لابد أن نتوقف ونتفكر في كل دولار واحد يتم ضخه في عجلة اقتصاد دول معينة، تفاخرت وجاهرت بدعم العدوان، وعلى رأسها الولايات المتحدة ثم ألمانيا وفرنسا وبريطانيا والهند، كأبرز دول تفاخرت وهرولت سريعاً نحو عالم الصهاينة.


المحطة الخامسة

أهل غزة أعادوا لهذه الأمة أملاً كاد أن يختفي ويضمحل، متمثل في صبرهم على البلايا وعظائم الأحداث، واحتساب الأجر عند الله، وعدم انتظار القريب أو البعيد في تصريف شؤون حياتهم، على رغم شدة وقسوة ما يواجهونه، حتى صارت عبارات «الحمد لله، ونرجو الله الشهادة، وتوكلنا على الله، وصامدون» وغيرها من عبارات وكلمات، شعارات واقعية عملية. قول وفعل. الأمر الذي أغاظ أعداء الله من الصهاينة ومن معهم وساندهم.


المحطة السادسة

كتائب عز الدين القسام أعادت للواجهة سيرة الصحابة الفدائيين الأبطال. سيرة سعد وخالد والزبير والمقداد وغيرهم، بعد أن أغرقت وسائل التواصل، الشباب قبل الكبار، الرجال والنساء، ودخلت الجموع الهائلة في منافسات للتفاهة والتفاخر بسفاسف الأمور. فإذا مشاهد بطولية فدائية لمجاهدي القسام تلهب النفوس، فصارت تنتظرها بفارغ الصبر، حتى تحولت بيانات أبي عبيدة الموجزة القصيرة إلى أنغام يستمتع السامع بكل كلمة، وأصبح قدوة للأطفال والشباب في مظهره وكلماته وأسلوب إلقائه، وصارت صورهم وصواريخهم محلية الصنع، أيقونات وشعارات يفتخر بها الكثيرون، بل بدأ آخرون من خارج الملة يبحثون عن السر الذي يجعل الغزاوي والغزاوية، الصغير قبل الكبير، يصمد ويبتسم في وجه الأهوال. اكتشف هؤلاء سريعاً أن الدين هو سر هذا الصمود، لا غيره.

المحطة السابعة

إن تكونوا تألمون فإنهم يألمون كما تألمون ، وترجون من الله ما لا يرجون. هكذا تلخص الآية الواقع الحالي في غزة، التي صارت شرفاً لهذه الأمة، وآخر قلاعها المرتبطة بالسماء. هذه القلعة التي إن لم نحافظ عليها ونعض عليها بالنواجذ، فلن تقوم لهذه الأمة قائمة إلى قرن قادم من الزمان. وهلاك هذه العصبة المؤمنة – لا قدر الله – قد يكون بداية عهد جديد استعماري بغيض تحت الراية الصهيوصليبة، حيث الكثير الكثير من المذلة والهوان، أضعاف ما الأمة عليها اليوم. لكن أملنا بالله كبير وفي نصرته لهذه الثلة المؤمنة المجاهدة - ونحسبهم كذلك - والتي ربطت نفسها بالسماء مبكراً، فلا قوانين ولا زعامات ولا قامات أرضية تنفعهم، فقد تبين لهم ذلك نهاراً جهارا، وهذا الارتباط الوثيق بالسماء هو أجمل ما في المشهد الغزاوي. والله سبحانه بكل جميل كفيل، وهو حسبنا ونعم الوكيل.
(الشرق القطرية)

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه غزة فلسطين غزة طوفان الاقصي مقالات مقالات مقالات سياسة صحافة سياسة مقالات سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة هذه الأمة

إقرأ أيضاً:

ثُمَّ شَقَّتْ هَدأةَ الليلِ رُصَاصة !!

حاول الكثيرون أن يثنونني عن قرار العودة إلیٰ السودان، وجاءوا بكل ما يرون أنه يقوِّی منطقهم، ولكن عبثاً يحاولون، فقد قرَّ قراري بعد أن استخِرت الله وتوكلت عليه.

غادرت مصر بمساكنها الضيِّقة ومن مطاراتها الواسعة المريحة، إلی السودان بمساكنه الواسعة وأرضه الشاسعة ومطاراته المتواضعة الضيِّقة بتجهيزاتها الشحيحة بالرغم من أراضيها الفسيحة، وعلی متن طاٸرة شركة تاركو، بإدارتها الشابَّة وإرادتها الصلبة، وهبطنا مطار بورتسودان بسلام والشمس فی كبدِ السماء والجو مُلَبَّدٌِ بسحب دخانٍ أسودٍ كنوايا دويلة mbz وأزلامه من بغايا العملاء والمرتزقة، ومن بقايا مليشيا آل دقلو الإرهابية التی عجزت عن تحقيق أی نصر علی قوات الجيش المسلحةُ بشعبها قبل أسلحتها، الواثقة من نصر الله قبل إعتمادها علی خططها المدروسة، التی غدت تُدَرَّس في المعاهد العسكرية، فعمدت مليشيا آل دقلو الإرهابية إلیٰ سلاح المسيرات بدلاً عن تجنيد المسيرية، تلك القبيلة الشامخة التی ضَلَّت إدارتها الأهلية عن طريق الحكمة، وحار حليمها وخار عزمها واختارت الذل والمسكنة وخنعت فی إنكسار.

سجدتُ شكراً لله علی أسفلت المطار، ومن هناك تلقفتني اْيدي الأحبة، ومن فوري زرتُ مقبرة أخي الشقيق الوحيد فی هذه الفانية وسكبت دمعة حرَّیٰ علی شاهد قبره، ودعوت له واستغفرت ربی وأنبت.

في الطريق من المطار إلیٰ المدينة رأيت بورتسودان كما رأيتها للمرة الأولی عام 1963م مدينة تضجُّ بالحركة والناس، بيوتها، إنسانها، لهجة كلامهم، طريقتهم فی الملبس والمأكل والمشرب، هی ذاتها وكأنَّ شيٸاً لم يكن، ألِفُوا حتی دخان حريق مستودعات الغاز وكأنه صادر من مدخنة مصنع !!

الملاحظة الوحيدة هی إزدياد عدد السيارات فی الطريق وهذا مٶشر إيجابی، خلدت إلیٰ النوم بعد أن انصرف ضيوفي الذين لم يشعرونني بأنني أنا الضيف وليس العكس!!

و قبيل الفجر شقَٰت هدأة الليل رصاصة، قدرت إنها صادرة من دوشكا، وتوالت أصوات المضادات كما أعرفها وما إن تهدأ حتی تعود، ولاحظت إن الضارب يستمتع بالصوت الصادر من مدفعه، كأنه ذلك الإيقاع الذی يبعث علی الحماسة والطرب، فقلت فی نفسي يا لهٶلاء الرجال يسهرون لينام الناس آمنين ويبذلون أرواحهم فداءً للعقيدة وليكون الوطن حراً أبيَّاً .

هي المرة الوحيدة التي أستيقظ فيها لصلاة الفجر علی أصوات الدوشكا والمضادات الأرضية وليس علی صوت الآذان، لكن لم يطل انتظاري فقد صدحت المآذن بأن حیّ علی الصلاة حیَّ علی الفلاح الصلاة خيرٌ من النوم، وهی تخالط أصوات المدافع، وهرعت إلیٰ الصلاة فوجدت صف صلاة الفجر اْطول من ما اعتاده الناس، الله أكبر الله اكبر.

بورتسودان بلد الأمان ولامكان لأی جنجويدي جبان، ولا موطٸ قدم فيها لmbz آل نهيان الخيبان فقد ركله شعب السودان بعد العدوان علی مدينة بورتسودان.

ثمَّ شقت غَبَشَةَ الفجرِ رصاصة لم يجفل منها أحد، ولن يحفل بها شعب كشعب السودان الأبِي الذی لا يرضی الضيم، والمكضِب خَلِيه يجرِب.

هلموا إلیٰ وطنكم وطن الجمال.. علوه.. وخلوه.. في عين المحال.

أبنوه.. و مدوه.. بالمال و العيال.

زيديوه.. و أبنوه.. بعزم الرجال.

بأملنا وبعملنا و بالمحنة نبني جنة.

-النصر لجيشنا الباسل.

-العزة والمنعة لشعبنا المقاتل.

-الخزی والعار لأعداٸنا وللعملاء

محجوب فضل بدري

إنضم لقناة النيلين على واتساب

مقالات مشابهة

  • ثُمَّ شَقَّتْ هَدأةَ الليلِ رُصَاصة !!
  • القبيلة اليمنية… قلعة الصمود وركيزة المشروع التحرري
  • فعالية لإدارة أمن محافظة إب إحياءً لسنوية الصرخة
  • فعالية خطابية لإدارة أمن إب بذكرى الصرخة
  • خطاب القائد وفشل العدوان الأمريكي على اليمن
  • حسين خوجلي يكتب: العرب يتألمون والعجم يتأملون
  • في العمق
  • خطاب القائد وفشل العدوان الامريكي على اليمن
  • سايكس بيكو.. جريمة مايو التي مزّقت الأمة
  • مظاهرات في مدن اليمن والمغرب تنديدا بالعدوان الإسرائيلي على قطاع غزة (شاهد)