في رثاء أبي .. جدليّتي مع الموت
تاريخ النشر: 29th, October 2025 GMT
ناجي جابر المولايي -
كيف أحاورك يا موتُ
أيّها الغُموضُ الجارحُ.
يا جَذْرَ المجهُول.
يامَن يُوقظُ السؤالَ في قاعِ البحرِ ثمّ ترميها أمواجُهُ على يابسةِ اللاأدري.
مَن ذا الذي يَفهمُ ما تُوحي به أمواجُك، حيثُ جَعَلتْ لغةَ الوجودِ رموزا وطلاسمَ.
كم سَبِحنا في نهركَ بصَخَبٍ وأهملنا تَتَبُّعَ مائكِ حتى امتَزَجْنا بمياهِ البحر فذابت الجهات واندثرت الألوان.
يا موت
يا مُمزَّقَ الخيط الذي ينظمُ الأشياء.
كيف أحاوركَ وهل تُحاورُ النارُ خيوطَ الشموع.
يُبغضك الفلاحون لأنّكَ تَكسرُ غُصونَ الأشجار
وتُبخّرُ ماءَ الأنهار.
أنتَ غَسقٌ يَهزأ بضوء النهار
صيفٌ يُبعثر ورودَ الربيع، نهرٌ تخشاهُ الأَسماك، أُمّيٌّ ينقدُ أُوديسة ومراهقٌ يَسخرُ بالمتنبي.
أمّا أنا، أنا رجلٌ يُفكّرُ بعاطفتهِ وهل تَفهمُ يا موتُ لغةَ العاطفة؟
أنا طفلٌ يَركضُ ضاحكا ببراءةٍ خلفَ طائرتهِ الورقيّة، خلفَ فراشةٍ يُداعب أجنحتَها نَسَمات،
ويا موتُ هل تُدركُ أنتَ البراءةَ؟ وهل تَفهمُ ما يَربطُ من إحساس بين الأطفال ورفيفِ أجنحةِ الفراشات؟
أنا سيارةُ إسعافٍ عالقةً في زِحام السيارات.
حديقةٌ جَعلتَ أشجاري تَتَمنطق بمنطقِ الضَّباب.
رؤيا صادقةٌ أفسَدَتْها اليقظةُ ولا أعلمُ كيف استيقظتُ، ربّما بعوضةٌ حَطّتْ فوق جبيني وجَعَلتْ رؤيايَ الصادقةَ، رؤيا بَتراء.
يا موتُ أنا أحبُّ البدايات
وأنتَ بِدايةٌ مُخيفةٌ لأَنّ نهايتَها سِرٌ، أُلغوزةٌ، مُضمَرةٌ، مُبْهَمةٌ، نهايتَها صمتٌ موؤودةٌ فيه الكلمات.
وأنا أُحبُّ الاستعجالَ في فهم ما يُخفى ويركضُ خَلفَ الإجابات.
وأنتَ اختَنَقتْ فيكَ الأَجوبةُ وتَجلَّتْ فيكَ الشُّبُهات.
لكن وعلى رَغْمِ غُموضِكَ يا موت، أبقى أبحثُ عن وميضِ وضوحٍ، عن نَبتةِ جلجامش
أبقى أصرخ: أين أبي؟ هل يراني الآنَ؟
هل يسألُ عن درسي؟
هل يَرجِعُ مساءً مُبتسما بيدهِ تفاحٌ يُوزّعُهُ بيننا؟ هل يسألُني مرةً أخرى عن ساعةِ أذانِ الفجر وشروقِ الشمس ليصليَ صلاةَ الصبح؟ هل يَجعلُ طرَفَ كوفيَّتهِ على عينيِه وينام؟
كان أبي لا يَنزِعُ كوفيتَّهُ حتّى في منامهِ، فكيفَ أراها الآنَ هامدةً في خِزانةِ الملابسِ بعد ما كانت تُرفرِفُ شوقا على حَبل الغَسيل؟!
أبي هذا بيتُك وهذه دلّةُ قهوتِك ووسادتُك وساعتُك، هذهِ نافذةُ مُضيفِكَ لا تزالُ مفتوحةً نحو النخلةِ التي غَرَستَها بيدك، كلُّ شيءٍ في مكانهِ إلّا أنتَ، فأينَ أنتَ الآنَ؟
يا أبي إنّ جميعَ الدروسِ التي أمرتَني بحفظها لم تَفُكَّ شَفرةَ غيابِك، وجميعَ حروفي صارتْ غُباراً في تَمّوز فراقِك.
آهٍ يا عقلُ، كم أَهُزُّ بجِذعِك، أينَ رُطَبُكَ الجَنيّ؟ يا شِعرُ يا نثرُ أيّتها المفرداتُ والمكتبات ما هذا الصَّمتُ الرهيبُ الذي لا يَنكسر؟ لماذا تغيّرت الألوان؟ لماذا لا يُحرُّك النِّسيمُ أوراقَ الأشجار ولا يأتي بزقزقةِ العصافيرِ ولا يَحمِلُ عِطر الياسمين؟
بِتُّ حيرانَ كريشةِ رسّامٍ مَكفُوف، كنايٍ بينَ شَفَتَيْ مُقفَّعٍ، يجهلُ أسرارَ الصحراء.
يا سماءُ أَقلِعِي عن السؤال، لا جُوديَ اليومَ، وليس بوسع الأرض أنْ تَبلَعَ أسئلتك الماطرة.
يا شمسُ أَشرقي فقد أنْهَكَني مَنطِقُ السَّدَفِ البَهيم.
«أَلا أَيُّها اللَيلُ الطَويلُ أَلا انجَلي
بِصُبحٍ وَما الإِصباحُ مِنكَ بِأَمثَلِ
فَيا لَكَ مِن لَيلٍ كَأَنَّ نُجومَهُ
بِكُلِّ مُغارِ الفَتلِ شُدَّت بِيَذبُلِ»
تنفَّس يا صبحُ تنفس، تنفَّس يا صبحُ تنفس
إنّ ظلامَ الليلِ الدَّامس أمْسَى يَقتُلُني
صار الموتُ بعُزلتهِ الصماءِ يَسرقُ برهاني
كلامُ ليلي لا يَمحُوهُ نهارٌ
دقات الساعةِ شكٌّ يَغزو إيماني وحنيني.
إلهامٌ لا يُثبتُني قلمٌ، لا دفترَ يُؤويني
ليس بوسعي مُحاورةُ الموتِ
لا أفهمُ جدليَّتَهُ
هو نهرُ سؤالٍ، أريدُ أنْ أَعْبُرَهُ لا أَنْ أغرقَ فيه.
سؤالٌ جَعلَ الأجوبةَ في محبس
هو رَقَمٌ لا يَعرفُ حَدَّاً لا حِسّاً
فيه يَنجمدُ الكَلِمُ، والقولُ يخرَس
زمنٌ رابع، يمحو المستَقبَلَ والماضي وبمحو الحاضر يتمرَّس.
شاهينٌ يَفترسُ النورَس.
تاهتْ قافلتي، غابتْ كلُّ نجومِ الرُّشدِ وقمرُ الليلِ المترئس
تنفس يا صبح تنفس
تنفس يا صبح تنفس..
ناجي جابر المولايي شاعر من الأهواز.
المصدر: لجريدة عمان
كلمات دلالية: س یا صبح
إقرأ أيضاً:
مشهد مروع على طريق السويس.. كيف نجا صاحب أغنية “أنا بشحت بالجيتار” من الموت؟
طمأن الفنان على رؤوف جمهوره ومتابعيه على حالته الصحية بعد تعرضه لحادث سير مروع خلال الأيام الماضية،و إصابته بعدة جروح وكدمات قوية فى العمود الفقرى وشرخ بسيط فى منتصف القفص الصدرى.
علي رؤوف يطمئن جمهوره:وكتب علي رؤوف عبر صفحته على موقع التواصل الاجتماعي فيسبوك:"احبائي ومتابعيني تحية طيبة وبعد .
احب اطمنكم عليا وعلي صحتي اني بخير الي حد ما , عندي بس شوية جروح وشرخ بسيط في منتصف القفص الصدري وكدمات شديدة في العمود الفقري".
وأضاف:"وبما اني صاحب الشأن بنفي اي خبر عن اني في حالة حرجة انا محتاج بس راحة من اسبوعين الي 3 اسابيع , ومفيش داعي اني اتكلم عن الحادث او تفاصيله , اينعم كتير عنده فكرة ان دي اول عربية اجيبها في حياتي وكانت حلم من احلام عمري بس مدام جت في الحديد ف في ستين مليون دهية ".
وأضاف:" ومش محتاج اقول ان دي تحويشة سنين بس نقول ايه بقي غير اللي ايده في المية مش زي اللي ايده في النار , الخلاصة اني بخير الي حد ما ومش زعلان علي حاجة ومسيري اقوم بالسلامة وابدء من الصفر تاني ".
وأستطرد:" كل اللي انا طالبه علي قدر حبكم ليا اتمنولي الخير , لان اي نجاح انا بعمله هو حصاد 15 سنة مرمطة وتعب بلا راحة وتكاسل , واظن اي كرير في الدنيا محتاج تعب وكفاح , واحب ان احيط علم سيادتكم اني مش بتباها بممتلكاتي و خير دليل علي ذالك محدش يعرف اني كان معايا عربية اصلا ويوم ما انتشر الخبر كله شافها متدشملة في الحادث , لاني ديما براعي احتياج الغير للاشياء الثمينه ف مبحبش اخلي اي حد يستفذ بحاجة معايا هو نفسه فيها ودا من اصول تربيتي".
وأختتم:"واخيرا شكر خاص لرجال الامن في محافظة السويس علي انقاذي انا واللي كانو معايا , شكرا لكل راجل محترم عنده نخوة ساعد في انقاذ حياتنا من الحادث شكر خاص لأطباء المجمع الطبي في السويس علي مجهوداتم العظيمة…
شكر كبير جدا لكل اصحابي وحبايبي اللي كلموني وسألو عني وكانو معايا لحظة بلحظة لحد ما رجعت البيت
وعلي راسي كل اللي تلهف عليا وسأل عني وعن صحتي".
منشور علي رؤوف:
أقراء أيضا:
وكان قد تعرض الفنان على رؤوف، صاحب أغنية «أنا بشحت بالجيتار»، لحادث مفاجئ، حيث انقلبت سيارته على الطريق.
أدى الحادث إلي إصابة الفنان ونقله على الفور إلى أحد مستشفيات السويس لتلقي الإسعافات، وتشير الأنباء إلي أن حالة على رؤوف مستقرة حاليًا، وأنه يخضع للفحوصات اللازمة للاطمئنان على صحته.
تعرضت سيارة الفنان على رؤوف لتلفيات كبيرة وتهشمت بشكل واضح، ما يعكس بشاعة الحادث وقوة تأثيره، دون أن يؤثر ذلك على استقرار حالة الفنان الصحية حاليًا.
أعرب رواد مواقع التواصل الاجتماعي فور انتشار الخبر عن تمنياتهم للفنان على رؤوف بالسلامة والعودة السريعة للنشاط الفني، مؤكدين دعمهم الكامل له خلال فترة تعافيه.
تجدر الإشارة إلى أن على رؤوف اشتهر بأغنية «أنا بشحت بالجيتار»، التي لاقت رواجًا واسعًا على منصات التواصل الاجتماعي، وجعلته من الوجوه الفنية الشابة المميزة في الساحة الغنائية المصرية.